حظر القتل خارج القانون.. إنجاز أميركي تاريخي
وقَّع الرئيس جو بايدن الأسبوع الماضي على مشروع قانون يجعل القتل خارج نطاق القانون جريمة اتحادية. ووضع مشروعَ القانون مجموعةٌ من المشرّعين ذوي الأصول الأفريقية في مجلسي النواب والشيوخ. ويدخل القانون حيز التنفيذ بعد أكثر من 200 محاولة فاشلة، على مدى أكثر من 100 عام، لإقرار تشريعات مناهضة للقتل خارج نطاق القانون من خلال الكونجرس. وذكر بايدن، متحدثاً إلى زعماء في مجال الحقوق المدنية وصحفيين وآخرين خلال حفل التوقيع في البيت الأبيض، أن «القتل خارج القانون كان رعباً صرفاً لفرض الكذبة القائلة بأنه ليس كل شخص ينتمي إلى أميركا، وليس الجميع متساوين».
وأكدت هاريس، نائب الرئيس الأميركي، أن «القتل خارج القانون ليس من مخلفات الماضي. ومازالت أعمال الإرهاب العنصرية تحدث في أمتنا. وحين يحدث هذا، يجب علينا جميعاً التحلي بالشجاعة وتسميتها باسمها ومحاسبة الجناة». وتساعد ملاحظات هاريس على توضيح سبب كفاح النشطاء الشديد ولفترة طويلة لجعل القتل خارج القانون جريمةً اتحاديةً. فالإعدام الاعتباطي أو القتل خارج القانون هو أكثر من مجرد فعل عنيف موجّه لفرد واحد. ففي الماضي والحاضر، كان الهدف من عمليات القتل خارج نطاق القانون ترهيب مجتمع بأكمله لتعزيز تراتبية العرق والطبقة من خلال أعمال العنف الطائفي الوحشية.
وتشرح المؤرخة إيمي لويز وود في كتابها «القتل خارج القانون والمشهد: مشاهدة العنف العنصري في أميركا، 1890-1940» أنه مقارنةً بأشكال الإرهاب والترهيب الأخرى التي تعرَّض لها الأميركيون من أصل أفريقي في ظل قوانين جيم كرو «كان الإعدام خارج القانون حدثاً نادراً واستثنائياً». لكنها أضافت أنه على الرغم من ندرته النسبية أو حتى بسببها، كان «للإعدام خارج نطاق القانون قوة نفسية فريدة، وولّد مستوى من الخوف والرعب طغى على جميع أشكال العنف الأخرى». وكانت عمليات الإعدام خارج إطار القانون بربرية، صاحَبَها غالباً عنفٌ سادي مفرط، بما في ذلك الحرق والتشويه الجنسي وبتر الأطراف. وكانت عمليات الإعدام الاعتباطية بطبيعتها تحدياً لسيادة القانون، ولم يكن من الضروري أن يكون المرء من دعاة المساواة عرقياً حتى يرغب في حظر هذه الممارسة ومعاقبة مرتكبيها.
وفي عام 1918، قدم النائب ليونيداس داير من ميزوري مشروع قانون «الجمعية القومية للنهوض بالملونين» الناشئة، الخاص بمناهضة الإعدام خارج إطار القانون إلى مجلس النواب الأميركي. وأشار داير تحديداً إلى المدى الذي بلغه الإعدام خارج إطار القانون و«أعمال الشغب العنصرية» التي ألهمته بتبني قضية مناهضة الإعدام خارج نطاق القانون، وأن هذا يؤدي إلى الانحدار بسيادة القانون وإلى الاستخفاف بالدستور. وذكر داير خلال جلسة استماع للجنة القضائية بمجلس النواب أن «للولايات المتحدة، مثل جميع الحكومات، مصلحة سياسية وقانونية في حياة مواطنيها. وفيما يبدو أن الإهمال المعلن وسيئ السمعة أو تخلي الدولة عن هذا الواجب جعل غوغاء خارجين على القانون يقتلون مواطنين بسبب عدم توفر الحماية القانونية. ويمكن اعتبار هذا جريمة ضد الولايات المتحدة، وإذا كان الأمر كذلك، يتعين على الولايات المتحدة معاقبةَ جميع الأشخاص الضالعين فيها».
وفي عام 1922، صوَّت مجلس النواب لإقرار نسخة من مشروع قانونه الخاص وهو 230-119. ثم وُئد مشروع القانون في مجلس الشيوخ نتيجة العراقيل الحزبية. فماذا حصل؟ للإجابة على ذلك، علينا أن نفكر قليلاً في موقع الجنوب داخل النظام السياسي الأميركي حينذاك. فقد منحت قوانين جيم كرو الخاصة بحرمان الأميركيين الأفارقة، وأيضاً حرمان عدد من البيض، من حقوقهم السياسية، النخبَ الجنوبيةَ الرجعيةَ قبضةً قويةً على سياسات المنطقة بطريقة لم يحظوا بها منذ ما قبل الحرب الأهلية. وفي مواجهة منافسة قليلة، استطاع المشرعون الجنوبيون البقاءَ في مقاعدهم لعقود مما جلب لهم السلطة والأقدمية بشكل حاسم، وهي العملة المقبولة في مجلسي النواب والشيوخ.
كما عمل مشرعون جنوبيون ككتلة، في كل من الكونجرس وداخل الحزب الديمقراطي، حيث واصلوا ربط ولاءاتهم السياسية بهذا التكتل حتى بعد الحرب العالمية الثانية. وجادل المؤرخ ديفيد بوتر في كتابه الصادر عام 1972 بعنوان «الجنوب والأغلبية المقابلة»، بأن تأثير كل هذا تمثل في منح الجنوب الخاضع لقوانين جيم كرو نوعاً من حق النقض على السياسة القومية، بطريقة لا تختلف عن نظام «الأغلبيات المقابلة» الذي تصوره خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر المفكر المؤيد للعبودية والسيناتور الذي خدم لفترة طويلة جون سي كالهون. وإليك طريقة عملها. فداخل الحزب الديمقراطي، وبفضل القواعد في ذلك الوقت لاختيار المرشح الرئاسي، كان بوسع الجنوب، عند التصويت ككتلة، الاعتراضَ على أي مرشح يعتبر معادياً لمصالحه. وداخل الكونجرس، يمكن أن تؤدي السيطرة على اللجان إلى القضاء على التشريعات التي تهدد سلطة الجنوب الأبيض والاستقلال الذاتي قبل أن تصل إلى قاعة المجلس، أو تجبر المشرعين من خارج الجنوب على الانصياع لتفضيلاتهم. وأي مشروع قانون نجا بطريقة ما من مجلس النواب كان من الممكن خنقه في مجلس الشيوخ باستخدام العراقيل الحزبية، وهو ما حدث كثيراً لتشريع مناهضة الإعدام خارج نطاق القانون، وغيره من الحقوق المدنية.
والمثير للسخرية في الأمر أن المسوغ السائد لمؤسسات مثل مجلس الشيوخ، أو قواعد مثل قواعد العراقيل الحزبية في الكونجرس، أو لصرح الاتحادية الأميركية بأكمله، تَمثلَ حماية حقوق الأقلية من نهب الأغلبية المتعجرفة! لكننا نرى العكس في قصة الجهد الطويل والمحبط لجعل الإعدام خارج نطاق القانون جريمةً اتحاديةً. فنحن نرى النظام الأميركي يحمي غالباً الأقليات المستبدة والمتسلطة، مثل مهندسي جيم كرو، من السلطة الوحيدة وهي الحكومة الاتحادية، والتي يمكنها الدفاع عن المساواة الديمقراطية وتطبيقها على امتداد الأمة بأكملها. يجب أن نحتفل بالإقرار والتصديق على مشروع قانون حظر الإعدام خارج القانون. إنه حقاً إنجاز تاريخي. ويجب علينا أيضاً التوقف قليلاً للتفكير ليس فقط في النضال الطويل، لجعل هذا القانون حقيقةً بل أيضاً في الطرق التي كان بها نظامنا نفسه هو العقبة الأساسية أمام حماية حياة وسبل عيش مواطنينا.
جميل بوي
كاتب وصحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/04/01/opinion/anti-lynching-bill-biden.html